نُخيَّر بين "داعش" و " شارلي إيبدو"
.. و هل علينا أن نختار بين جاهلية الحداثة وحداثة الجاهلية
فرض كفايةٍ هي السخرية هناك غرباً حيث لا سقف
ولا مقدسات
فرض عينٍ هو الموت هنا شرقاً حيث لا سقف
ولا مقدسات أيضاً
ولا أحد يسأل ما الذي يجعل من السخرية طريقاً للموت
ما الذي يجعل من الموت سبيلاً للسخرية
.. ربما لا يستحق الأمر عناء السؤال
والإجابة
***
"كلنا شارلي" و "كلنا أحمد"
لافتات الموضة الجديدة للحرية المستباحة
حريةٌ تبحث عن هويتها وماهيتها في الكتب
.. ذات الحرية التي نهرول خلفها عوداً إلى القرون الوسطى
***
لست شارلي ولا أنا أحمد
أنا ضحية حرية شارلي الزائفة
أنا أحمد المخدوع بأن القارة العجوز ليست عاقر
.. أنا شقيق مرابط وورَّاد الذين هجروا مدن الملح ليستوطنوا أرصفة ضواحي صفيح مدينة النور
أنا المسيح المصلوب مرتين
أولىً حين صلبه اليهود
.. وأخرىً حين سرقتم هويته لترسموه فتىً إيطالي الملامح
***
أنا الشرقي المتخم بالتابوهات حد الاختناق
المسكون بالتاريخ حد التقيؤ
الملعون بالجغرافيا حد الغثيان
أنا الشرقي الحالم بحداثةٍ لا تزدري هويتي
بوطنٍ لطالما كفل بقاء الكُنس والكنائس قبل الجوامع
بمجتمعٍ احتضن الأرمن
.. كما احتضننا قبلُ السريان والكلدان
***
أنا ابن أرض الشمس التي أهدت روما خمس أباطرةٍ عظام
.. ولم تنتظر منها غلال
أنا ابن بلادٍ خلعت أميرةٌ منها على قارتكم اسمها
وحين عادها إسكندر الأغريق بنى دورا اوروبوس التي غدت الصالحية
ذات صالحية الفرات التي نُهبت آثارها وما عاد يمكن التعرف عليها
ذات الصالحية التي هي خط تماسٍ على أطراف مطار دير الزور
.. وأوروبا كل أوروبا هي الآن خط التماس
***
أنا السوري المسير إلى الموت
المخير بين أنواعه
بقطع الرأس
بالقصف
بالقنص
بالتعذيب
بالجوع
بالغرق
بالبرد
أو بالثلوج
.. و حريتي اليتمية هي اختيار كيف أموت
***
أنا السوري الفاقد لحرية الوجود لا تعنيني أبداً " شارلي إيبدو"
ولا الديمقراطية
ولا حرية التعبير
كل ما يعنيني الآن أن أُحسن اختيار طريقي إلى الموت
.. كي لا أعكر صفو شاشاتكم بدمي
فسامحوني
أو فألعنوني!
الرئيسية »
سيف الخفاجي
» نُخيَّر بين "داعش" و " شارلي إيبدو" | سيف الخفاجي
نُخيَّر بين "داعش" و " شارلي إيبدو" | سيف الخفاجي
Written By Unknown on الأحد، 24 مايو 2015 | 7:31 م
0 التعليقات