الرئيسية » » الخروج من المقهى | سامي طه

الخروج من المقهى | سامي طه

Written By هشام الصباحي on الأحد، 12 أبريل 2015 | 7:03 م

الخروج من المقهى
لأخٍ هو اكبر مني .. قليلاً ..
تقول التواريخ ، 
أجمل مني قليلاً .. وأفضل مني قليلاً .. تقول النساء ،
واسوأ مني كثيراً .. يقول ابي .. 
أتخيله الآن في سكرة ..

يتخيلني الآن في صحوة .. 
يتخيل دوماً ..
و يسكر دوماً .. 
ويكشف العابنا .. 
ويلقي بأوراقنا في الطريق ..

ابتكرنا معاً لعبة ، نتثاقل في نومنا اذ يفاجئنا الصبح .. 
كَيْ نتحدث عما تقول فتاة من الحي راح يغازلها..
في الظهيرة .. 
وهو يعود من السجن ..

هل كان في السجن دوماً ؟! 
أكان الذي فيه .. خوف من السجن ام ولع بالمخاوف ؟ ..

يتركني دائماً .. في الطريق الى البيت ..
ينسى كثيراً حقائبه .. 
في بلادٍ يعود اليها .. لينسى حقائبه في بلاد .. فكيف يعود
أينسى .. هموماً تؤلف ما بيننا .. وحنيناً رعانا .. 
وأغنيةً كان دوما يدندن الحانها .. 
وهلالاً نراقبه لا يكاد يبين .. 
وبدراً تغافله الحوت (منحوتةً من عجين وطين ..

تقول الأحاديث) ..
كان يهذر دوماً باشياء لا تنتهي عن حياة المنافي .. 
يقول "حياة المقاهي " ..

ويرسم .. 
طيراً يسافر في الأفق ، حين تكون السماء مؤطَّرة ببصيصٍ اخير من الضوء..

يرسم انثى بأجنحة .. لا ملامـح – دوما تكافح دوامة او لهيبا .. -
ويرسم نهرا تسد البنادق مجراه .. 
او تعتـري ماءه ثورة .. 
غيرُ منتجةٍ .. 
او نجوماً حزانى تطل ..
رجالاً يتيهون في زرقة ..
او نساءاً يحدقن في اثر ميهم ينمحي في طريق بعيد .. 
او يعانين من خيبة ، يقرأ الطفل فوق المسلة .. سطراً " .. 
… …
(لن تعيد القوانين ما ضاع) ..

كان يثور كثيرا كثيرا
ويلعن اباءه وزمانا رماه بنا .. او رمانا به .. 
ويغضب من .. لست اعرف ماذا .. 
لست اعرف ماذا دهاه .. لست اعرف اين مضى .. 
في المنافي يضيع ..

لأن ابي لم يصُنَّا / يقول .. 
لأن ابي باع مستقبلاً طيبا .. 
راضيا بالسكوتْ ..

وصفق في زمرة الراقصين امام العروس – تزفُ الى غاصبٍ .. 
لأن مسدسه النصف وبليّ أغفى .. 
وخافت مؤخرةٌ ان تموتْ ..
لان الجميع اهينو .. وهانوا .. 
وصدَّق من صدَّقوا ..
وصفق من صفقوا .. للسياط 
التي فرقعت في الهواء ..

ومات الذكاء ، وساد الغباء " يقول ..
"ولكننا نستحق المزيد ..
إنكم تستحقون ان تُصلبوا في الحديد ..
مزيداً من الجوع يارب .. 
مزيدا من الموت .. 
عسى عارَنا ينمحي .. 
عسانا نقطِّع عنا وثاق العبيد ،
عسانا نمزق عن خوفنا
صور البوسترات العريضة .. خلفية من مياهٍ وخلفيةٌ من جبال ، وخلفية من شجر ..

ووراء الذي هو خلفيةٌ يكمن الخوف مختبئا .. 
لو اتحنا له ان يطل ! .. 
لو اتحنا لانفسنا ان تواجهنا .. 
عساها تفيد حبوب الشجاعة .. 
او جرعة من خمور مسلحةٌ بالرصاص .. 
كنا اتحنا لانفسنا فرصة الصحو .. 
واعتذرنا لاخطائنا والخطايا ، 
واعتذرنا لصمت القبور .. 
للاّ مبالاة .. 
للمثل الذي شاع [ عن لحية ينبغي ان تُخَلَّص ] ..

....
كان يجلس فوق تخوت المقاهي كعاشق .. 
ويعشق رائحة الشاي يغلي على الفحم .. 
كان يحب " الوِجاغَ " .. يقدس ابريقه .. 
يعشق " الاستكان" لا الاستكانة .. 
الحصير على التخت يحسبه قطعةً من فراش الملائك .. 
كان يعشق مقهاه .. يقدس حيطانها .. أرضَها والتراب ..

كان يحب الذين يعيشون فيها .. ولكنه كان يسقط في خيبة لا يرى بعدها أملاً في خلاص .. 
"سأهجركم ايها الفاسدون / " قرأْنا رسالته ..

[ سأمضي الى حيث ابكي عليكم بحرية – حيث لايكون رقيبٌ على الدمع – ان المنافي لها دفؤها ايها الخائفون .. 
وطعم السكوت كطعم الرصاص .. ]
....
لأخٍ هو أحكم مني قليلاً .. 
واشجعُ مني كثيراً .. 
كثيراً ..
تذكرته حين لات مناصْ ..

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.